عن عبد الله بن عمر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «..أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا» أخرجه الهيثمي.
هكذا يحث الإسلام أتباعه على أن يكونوا نافعين لغيرهم بكل أشكال النفع الممكنة، ومن صور النفع أن ينفع المسلم غيره بما حباه الله من مال.
= فـوز ونجـاة:
ولذلك يدعونا النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه إلى بذل المال والتصدق به، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل» رواه البخاري.
ويوم القيامة حين تدنو الشمس من الرءوس تأتي الصدقة فتظل صاحبها حتى يفصل بين الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس، أو قال: يحكم بين الناس» رواه أحمد.
والصدقة تمحو الخطايا والذنوب، فعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» رواه الترمذي.
= كفــالة وإحســان:
عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له» رواه مسلم.
هكذا يدعونا النبي صلى الله عليه وسلم إلى التكافل والمواساة والإحسان لمن حولنا من ذوي الحاجات، وأن نكون لهم عونا على سد حاجاتهم على إختلاف أشكالها، وأن نسارع إلى ذلك دون إنتظار لطلبهم المساعدة.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي كمال الإيمان عمن قصر في كفالة من حوله من ذوي الحاجة، فيقول صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به» رواه الطبراني.
= كهاتين في الجــنة:
ومن صور النفع للآخرين التي دعانا إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن نكفل اليتيم فنقوم بأمره ومصالحه، ونوفر له حاجاته من النفقة والكسوة والمأكل والمسكن وغير ذلك مما يحتاج إليه، ففي هذا علو لدرجات المرء حتى يكون قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام» رواه أبو داواد.
= أجــر مضــاعف:
وإقراض ذوي الحاجة وإنظار المعسرين منهم من أبواب بذل المال التي يجني بها المسلم عظيم الأجر والمثوبة من الله تعالى، وإذا حل أجل الدين وعجز المقترض عن الوفاء بموعده فأنظر المقرض كان له بهذا الإنظار عن كل يوم صدقتين، فعن بريدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة»، قال: ثم سمعته يقول: «من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة»، قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، ثم سمعتك تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، قال له: «بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة» رواه أحمد.
= لعل الله يتجاوز عنــا:
وإنظار المعسر أو وضع الدين عنه من أسباب النجاة يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه» رواه مسلم، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله» رواه مسلم.
بل إن إنظار المعسرين قد يكون سببا وحده لنجاة العبد يوم القيامة وإن قلت بضاعته من الخيرات، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن رجلا لم يعمل خيرا قط، وكان يداين الناس، فيقول لرسوله خذ ما تيسسر وإترك ما عسر وتجاوز لعل الله أن يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله له: هل عملت خيرا قط؟ قال: لا إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس، فإذا بعثته ليتقاضى قلت له خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، قال الله: قد تجاوزنا عنك» رواه النسائي.
= أحـب الأعمــال:
وقضاء الدين عن الغارمين الذين عجزت أيديهم عن الوفاء به من أحب الأعمال إلى الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه سوءا أو تقضي عنه دينا» رواه الطبراني.
ومن أروع ما روي في هذا الأمر إستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الدين عن المدين أن رجلا يسمى مسروقا أثقله الدين، وكان على أخيه خيثمة دين، فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم، وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم.
= غــزو وجــهاد:
وقد يحصل المرء فضائل الجهاد التي لا تحصى ولا تعد وإن لم يغز حقيقة، وذلك بإنفاقه من ماله في سبيل الله، فيهيئ للغازي أسباب سفره وما يعينه على الجهاد، أو أن يقوم مقامه في شئون أهله وقضاء حاجاتهم والإنفاق عليهم، فمن قام بأيهما حاز أجر المجاهد في سبيل الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا» رواه مسلم.
= دوام النعـــم:
هذه بعض ثمار نفع الغير بما وهبنا الله من أموال، فلنحرص على بذل المال في مساعدة الفقير، وكفالة اليتيم، وإقراض ذوي الحاجات، وإنظار المعسرين، وقضاء الدين عن المدينين، والمشاركة في معارض التكافل بما إستطعنا من مال أو متاع وغير ذلك من وجوه الخير، حتى نفوز بالأجر في الآخرة وبدوام النعمة في الدنيا، كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله تعالى أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم» رواه ابن أبي الدنيا، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا» رواه البخاري.
الكاتب: ياسر محمود.
المصدر: موقع رسالة المراة.